يعاني بعض الأطفال من مظاهر الإنطواء بشكل يؤثر على توافقهم الشخصي والإجتماعي والمدرسي، وهي حالة نفسية تعتري الأطفال لأسباب خلقية ومرضية أو لعوامل تربوية أو ظروف إقتصادية.
وتظهر عند بعض الأطفال في الفئة العمرية من 2-3 سنوات وقد تستمر لدى البعض حتى المدرسة الابتدائية، ومن الممكن ظهورها فجأة في المرحلة الابتدائية حينما يزداد إحتكاك الطفل وتفاعله الإجتماعي وقد تستمر معهم حتى وهم بالغون.
ومشكلة الإنطواء والعزلة غير شائعة وإن كانت نسبتها لدى الإناث أعلى من نسبتها لدى الذكور، وكثيراً ما يُساء فهم الإنطواء فالبعض يلوم الطفل على إنعزاله، ويرى في ذلك بلادة وجبناً وإنكماشاً لاداعي له، بينما البعض الآخر يفضل هذا السلوك ويرى بأنه طفل عاقل ورصين يحافظ على مكانته الإجتماعية، ولايثير ضجة، وحقيقة الأمر أن الطفل المنطوي طفل بائس غير قادر على التفاعل الإجتماعي، أو الأخذ والعطاء مع الزملاء، فعدم إندماج الطفل في الحياة يؤدي إلى عرقلة مشاركته لأقرانه في الأنشطة.
والمشكلة تكمن في إستمرار الطفل على هذا السلوك حتى يكبر، مما يعوق نموه النفسي عبر المراهقة والشباب، ويتفاقم الأمر إلى العزلة التامة التي يصعب معها التأقلم ويدخل فيما يسمى بالإضطراب شبه الفصامي.
ويتجلى الإنطواء على شكل نفور من الزملاء أو الأقارب، وإمتناع أو تجنب الدخول في محاورات أو حديث، وأحياناً يخالط الطفل المنطوي أطفال يشبهونه في الإنطواء ويكون الحديث بينهم مقتضباً، كما يظهر على شكل الإلتزام بالصمت وعدم التحدث مع الغير، وقد يكون الإبتعاد عن المشاركة في أي إجتماع أو رحلات أو أنشطة رياضية مظهراً من مظاهر الإنطواء والعزلة.
والحقيقة أن إصابة الطفل أو المراهق بالإنطوائية يتوقف على التفاعل بين درجة إعداده الوراثي ومقدار الضغط الذي يواجهه في الحياة.
ولا يرجع الإنطواء إلى أثر البيئة وعوامل التنشئة الإجتماعية فحسب، بل هي مرتبطة أيضاً بالوراثة من حيث التكوين البيولوجي للفرد، والوظائف الفسيولوجية للقشرة الدماغية فالفرد الذي يتمتع بدرجة إستثارة سريعة وقوية نسبياً، وبكف رجعي ضعيف بطئ الزوال، فغالباً ما ينزع إلى ممارسة سلوكيات ذات صبغة إنطوائية.
وقد يشير الإنطواء المتطرف إلى وجود مشكلات نفسية أكثر تعقيداً وشمولاً لدى الطفل، كما قد يشير إلى واقع الطفل غير السار مثل المنزل غير السعيد، أو الفشل المستمر في المدرسة.
ومن الأسباب التي تؤدي إلى حدوث هذه المشكلة الشعور بالنقص بسبب عاهة جسمية أو ما يسمعه الطفل عن نفسه منذ صغره بأنه قبيح الشكل أو عدم تمكنه من إقتناء أشياء لفقره أو ما يتعرض له الطفل من مشكلات تقلل من قيمته ولا يجد الإستحسان الذي وجده داخل أسرته مما يشعره بعدم الكفاية وفقدان الثقة فيصبح إنطوائياً.
كما أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى إصابة الطفل بالإنطواء إفتقاد الشعور بالأمن لفقده الثقة في الغير وخوفه منهم.
المصدر: موقع رسالة المرأة.